Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة النساء - الآية 135

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135) (النساء) mp3
يَأْمُر تَعَالَى عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَكُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ أَيْ بِالْعَدْلِ فَلَا يَعْدِلُوا عَنْهُ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا وَلَا تَأْخُذهُمْ فِي اللَّه لَوْمَة لَائِم وَلَا يَصْرِفهُمْ عَنْهُ صَارِف وَأَنْ يَكُونُوا مُتَعَاوِنِينَ مُتَسَاعِدِينَ مُتَعَاضِدِينَ مُتَنَاصِرِينَ فِيهِ وَقَوْله " شُهَدَاء لِلَّهِ " كَمَا قَالَ " وَأَقِيمُوا الشَّهَادَة لِلَّهِ " أَيْ أَدُّوهَا اِبْتِغَاء وَجْه اللَّه فَحِينَئِذٍ تَكُون صَحِيحَة عَادِلَة حَقًّا خَالِيَة مِنْ التَّحْرِيف وَالتَّبْدِيل وَالْكِتْمَان وَلِهَذَا قَالَ " وَلَوْ عَلَى أَنْفُسكُمْ " أَيْ اِشْهَدْ الْحَقّ وَلَوْ عَادَ ضَرَرهَا عَلَيْك وَإِذَا سُئِلْت عَنْ الْأَمْر فَقُلْ الْحَقّ فِيهِ وَلَوْ عَادَتْ مَضَرَّته عَلَيْك فَإِنَّ اللَّه سَيَجْعَلُ لِمَنْ أَطَاعَهُ فَرَجًا وَمَخْرَجًا مِنْ كُلّ أَمْر يَضِيق عَلَيْهِ وَقَوْله " أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ " أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَة عَلَى وَالِدَيْك وَقَرَابَتك فَلَا تُرَاعِهِمْ فِيهَا بَلْ اِشْهَدْ بِالْحَقِّ وَإِنْ عَادَ ضَرَرهَا عَلَيْهِمْ فَإِنَّ الْحَقّ حَاكِم عَلَى كُلّ أَحَد وَقَوْله " إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاَللَّه أَوْلَى بِهِمَا " أَيْ لَا تَرْعَاهُ لِغِنَاهُ وَلَا تُشْفِق عَلَيْهِ لِفَقْرِهِ وَاَللَّه يَتَوَلَّاهُمَا بَلْ هُوَ أَوْلَى بِهِمَا مِنْك وَأَعْلَم بِمَا فِيهِ صَلَاحهمَا وَقَوْله " فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا أَيْ فَلَا يَحْمِلَنكُمْ الْهَوَى وَالْعَصَبِيَّة " وَبُغْض النَّاس إِلَيْكُمْ عَلَى تَرْك الْعَدْل فِي أُمُوركُمْ وَشُؤُونكُمْ بَلْ اِلْزَمُوا الْعَدْل عَلَى أَيّ حَال كَانَ كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَلَا يَجْرِمَنكُمْ شَنَآن قَوْم عَلَى أَنْ لَا تَعْدِلُوا اِعْدِلُوا هُوَ أَقْرَب لِلتَّقْوَى " وَمِنْ هَذَا قَوْل عَبْد اللَّه بْن رَوَاحَة لَمَّا بَعَثَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُص عَلَى أَهْل خَيْبَر ثِمَارهمْ وَزَرْعهمْ فَأَرَادُوا أَنْ يُرْشُوهُ لِيَرْفُق بِهِمْ فَقَالَ : وَاَللَّه لَقَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْد أَحَبّ الْخَلْق إِلَيَّ وَلَأَنْتُمْ أَبْغَض إِلَيَّ مِنْ أَعْدَادكُمْ مِنْ الْقِرَدَة وَالْخَنَازِير وَمَا يَحْمِلنِي حُبِّي إِيَّاهُ وَبُغْضِي لَكُمْ عَلَى أَنْ لَا أَعْدِل فِيكُمْ . فَقَالُوا : بِهَذَا قَامَتْ السَّمَوَات وَالْأَرْض . وَسَيَأْتِي الْحَدِيث مُسْنَدًا فِي سُورَة الْمَائِدَة إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى وَقَوْله " وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا " قَالَ مُجَاهِد وَغَيْر وَاحِد مِنْ السَّلَف تَلْوُوا أَيْ تُحَرِّفُوا الشَّهَادَة وَتُغَيِّرُوهَا وَاللَّيّ هُوَ التَّحْرِيف وَتَعَمُّد الْكَذِب . قَالَ تَعَالَى " وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتهمْ بِالْكِتَابِ " الْآيَة وَالْإِعْرَاض هُوَ كِتْمَان الشَّهَادَة وَتَرْكهَا . قَالَ تَعَالَى " وَمَنْ يَكْتُمهَا فَإِنَّهُ آثِم قَلْبه " وَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " خَيْر الشُّهَدَاء الَّذِي يَأْتِي بِالشَّهَادَةِ قَبْل أَنْ يُسْأَلهَا " وَلِهَذَا تَوَعَّدَهُمْ اللَّه بِقَوْلِهِ " فَإِنَّ اللَّه كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا " أَيْ وَسَيُجَازِيكُمْ بِذَلِكَ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • تعزية أصحاب المصائب

    تعزية أصحاب المصائب: من سعيد بن علي بن وهف القحطاني إلى فضيلة الشيخ أحمد الحواشي وزوجته أم أنس وتسنيم وجميع أسرته. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فقد بلغني إحراق جامعكم ومكتبتكم وبيتكم، ووفاة ولديكم، فآلمني كثيراً، وقد اتصلت بكم مع الناس وعزيتكم، ولكن هذه تعزية خاصة.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/193671

    التحميل:

  • أركان الإسلام

    أركان الإسلام: يتناول هذا الكتاب الشرحَ المدعم بالدليل من الكتاب والسنة أركانَ الإسلام الخمسة، وهي (الشهادتان، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج)، وعُرض فيه كل ركن على حدة، مع بيان معناه، ودليله، وحكمه، وحكمته، وشروطه، وما يستلزم توضيحه من المباحث المتعلقة بكل ركن، وذلك بأسلوب رصين، وعبارات سلسلة، ولغة واضحة. وهذه الدراسة عن أركان الإسلام هي أحد برامج العمادة العلمية، حيث وجّهت بعض أعضاء هيئة التدريس بالجامعة للكتابة في الموضوع ثمّ كلّفت اللجنة العلمية بالعمادة بدراسة ما كتبوه واستكمال النقص وإخراجه بالصورة المناسبة، مع الحرص على ربط القضايا العلمية بأدلّتها من الكتاب والسنّة. وتحرص العمادة - من خلال هذه الدراسة - إلى تمكين أبناء العالم الإسلامي من الحصول على العلوم الدينية النافعة؛ لذلك قامت بترجمتها إلى اللغات العالمية ونشرها وتضمينها شبكة المعلومات الدولية - الإنترنت -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/63370

    التحميل:

  • الإنصاف في حقيقة الأولياء وما لهم من الكرامات والألطاف

    الإنصاف في حقيقة الأولياء وما لهم من الكرامات والألطاف: فإن من أصول أهل السنة والجماعة الإيمانَ بكرامات الأولياء وإثباتَها والتصديقَ بها واعتقادَ أنها حق، وذلك باتفاق أئمة أهل الإسلام والسنة والجماعة، وقد دلَّ عليها القرآنُ في غير موضعٍ، والأحاديث الصحيحة، والآثار المتواترة عن الصحابة والتابعين وغيرهم. وقد صنَّف المؤلف - رحمه الله - هذه الرسالة ردًّ على عصريٍّ له غلا في شأن الأولياء وكرامتهم، وادَّعى أن لهم ما يريدون، وأنهم يقولون للشيء كن فيكون، وأنهم يخرجون من القبور لقضاء الحاجات، وأنهم في قبورهم يأكلون ويشربون وينكحون، إلى أمور أخرى عجيبة تمجُّها الأسماع وتقذفها الأفهام، ويُنكِرها من لديه بالشرع أدنى اطِّلاعةٍ أو إلمام.

    المدقق/المراجع: عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/348305

    التحميل:

  • الإيمان بالله

    الإيمان بالله : هذا الكتاب يدور حول المباحث الآتية: معنى الإيمان بالله. ماذا يتضمن الإيمان بالله ؟ الأدلة على وحدانية الله. ثمرات الإيمان بالله. ما ضد الإيمان بالله ؟ معنى الإلحاد. أسباب الإلحاد. كيف دخل الإلحاد بلاد المسلمين ؟ الآثار المترتبة على الإلحاد.

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/172694

    التحميل:

  • العذاب الأدنى حقيقته ، أنواعه ، أسبابه

    هذا البحث يتناول بيان حقيقة العذاب الأدنى الوارد ذكره في قوله تعالى:(وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) .كما يوضح أنواعه وأسبابه. وتضمن هذا البحث بيان أن هذا العذاب الأدنى ، وأنه واقع في الأمم السابقة، ومتوعد به العصاة من هذه الأمة، وأن أنواع هذا العذاب كثيرة منها ما يكون في الحياة الدنيا، ومنها ما يكون في القبر، وأن هذا النكال متنوع، فتارة يكون زلزالا مدمرا، وتارة يأتي على هيئة ريح عاتية، وتارة ثالثة يكون مرضا عضالا، وتارة رابعة يكون خسفا ومسخا... إلى آخر صور هذا العذاب . كما تبين في هذا البحث أن أسبابه متعددة يأتي على رأسها الكفر بالله، والشرك، وترك الصلاة، ثم اللواط، والزنى، والإحداث في الدين، والنميمة ...إلى آخر هذه الأسباب المذكورة في ثنايا البحث . ومن خلال هذا البحث اتضح أنه كلما كان السبب خاصا كان العذاب والنكال خاصا، وكلما كان السبب عاما كانت العقوبة عامة، وما ربك بظلام للعبيد. وظهر في هذا البحث أن هذا العذاب المتوعد به ليس خبرا ماضيا، بل هو حق على حقيقة، وهو وعيد متحتم الوقوع أقسم النبي صلى الله عليه وسلم على بعض صوره أنها ستقع قبل يوم القامة إذا توافرت أسبابها، وبين في صور أخرى أنها مقبلة لا محالة، فويل لمن أدركها!.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/256037

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة